قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
118313 مشاهدة
عجز العلماء عن إدراك ماهية الروح

...............................................................................


فهذه الروح قد كثر الكلام حولها من أهل الكلام, وتحيروا, ولم يدروا ما يقولوا فيها, فتوقفوا. وكان الجواب أن يقولوا كما قال الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا أن يتوقف الإنسان, ويقول: الله أعلم بكيفية هذه الروح، ما ندري ما كيفيتها؟ إلا أنها من خلق الله الذي خلق ما يشاكلها, فإن الملائكة تغلب عليهم الروحانية؛ أنهم أرواح, وكذلك الجن يغلب عليهم أنهم أرواح، ليس لهم أجساد ظاهرة, أو لهم أجساد خفيفة لطيفة لا تدركها أبصارنا, وكذا الشياطين أرواح لا تدركها أبصارنا، وإن كان لهم أجساد فإنها -أيضًا- أجساد لطيفة خفيفة لا تدركها أبصارنا, وكذلك أرواح بني آدم إذا قبضت روحه فهل نحن نراها؟ لا نراها.
ورد في الحديث أن ملك الموت يقبضها, ونحن لا نرى ملك الموت؛ ولكن قد أخبر الله بأنه يقبضها، يقول تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ رسل الله، يعني: الملائكة الذين يحضرون لقبض هذه الروح، لا شك أن لها جرما وثقلا، يقبضونها ويصعدون بها, ويكون لها رائحة عطرة, أو رائحة منتنة؛ ومع ذلك لا يراها الحاضرون.
ولذلك يقول الله تعالى -لما ذكر قبض الروح- أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ إذا بلغت الروح الحلق للخروج وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا هل تستطيعون؟ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أي: تردونها في جسدها؟! لا تقدرون.